صدفة أن تسمى الحرب التي خاضها أبناء الشعب الفلسطيني في غزة الإباء والصمود بمعركة الفرقان، إنما كانت التسمية بقدر الله تعالى، وذلك أن هذه المعركة امتداد لمعركة بدر التي سماها ربنا سبحانه وتعالى بيوم الفرقان يوم التقى الجمعان.
[size=9]معركة بدر تجلت فيها معية الله تعالى وتأييده للفئة المؤمنة القليلة، بل ظهر فيها تدبير الله تعالى وإدارته للمعركة بإمداده المؤمنين بالملائكة تقاتل معهم، وتغشية المؤمنين بالنعاس أمنة منه، وإنزاله الماء من السماء ليطهر المؤمنين به ويذهب عنهم رجز الشيطان ويربط على قلوبهم ويثبت به الأقدام، وإيحاء الله للملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب، ومشاركة الملائكة في قتل المشركين، فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان، وتسديد رمية النبي صلى الله عليه وسلم {فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمي} وقد أرى الله نبيه المشركين في منامه قليلاً، وأرى الله الكافرين في أعين المؤمنين قليلاً، وأرى الله المؤمنين في أعين الكافرين قليلاً، فلما التقى الفئتان رأى الكافرون المؤمنين مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء، كل ذلك كرامات أيد الله بها المؤمنين يوم الفرقان.
وقد ظهرت في معركة غزة "معركة الفرقان" معية الله تعالى وتأييده للمجاهدين، بل للناس أجمعين، وقد أكرم الله تعالى المجاهدين بكرامات تثبيتاً لهم وربطاً على قلوبهم، ولا عجب في ذلك ولا غرابة، فقد نص العلماء على أن نزول الملائكة في بدر للقتال مع المؤمنين ليست خاصة بأهل بدر بل هو عام في كل فئة مؤمنة إن أخلصت في قتالها وصدقت في جهادها لرفع كلمة الله تعالى وإقامة شرعه، وقد تحدث المجاهدون في أرض المعركة عن قصص حصلت معهم ثبت الله بها أفئدتهم وربط بها على قلوبهم.
وأولى هذه الكرامات صمود وثبات المجاهدين في الميدان والطائرات من فوقهم ترميهم بحممها، والدبابات تقذفهم بنيرانها وهم في أماكنهم غير وجلين ولا خائفين، وكأني بأهل غزة وقد جاءهم يهود من فوقهم ومن أسفل منهم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وظن بعض الناس بالله الظنونا وقد ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزلاً شديداً، وقد انقطعت عنهم أسباب الأرض وبقي سبب السماء فاستغاثوا ومن ورائهم أبناء الأمة ربهم القوي العزيز بقلوب صادقة مخلصة منيبة فاستجاب لهم ربهم وأمدهم بمدد من عنده، والمؤمن الصادق لا يستغرب ذلك ولا ينكر الكرامات وذلك أن معارك المسلمين التي خاضوها في تاريخهم الطويل فيها من القصص ما يؤيد ويصدق ما سمعناه في معركة الفرقان
[right][size=9]ومن هذه الكرامات ما حدثنا به من رأى بعينه من المجاهدين في قرية المغراقة، فقد قصف أحد المنازل بقذيفة اشتعلت فيه ناراً عظيمة توشك أن تمتد إلى البيوت المجاورة فتلتهمها النار، فوقف أحد المجاهدين يناجي ربه ويدعوه باكياً: يا من جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم أطفئ النار بقدرتك، فلم يمض سوى ثلاث دقائق إذا بالنار تنطفئ، فأجهش المجاهدون بالبكاء؛ لأنهم شعروا بتأييد الله تعالى واستجابته دعاءهم، وقد أخبر أحد المجاهدين في ميدان المواجهة في المغراقة والطائرات من فوقهم وهم لا يستطيعون الحركة، وإذا بغمامة من فوقهم تظللهم وتغطيهم عن الطائرات فتحركوا من مكانهم دون أن يصيبهم أذى، وحدث ثالث أنهم كانوا يكمنون في بيت والقذائف تتساقط من حولهم وهدير الدبابات وأزيز الرصاص يملأ المكان، وقد اعترى أحد أفراد المجموعة ما يعتري البشر من الخوف والرهبة، فخشينا أن نؤتى من قبله، وفي لحظات وإذا بمن شعر بالخوف تملأ السكينة قلبه، وطفق يقودنا للتصدي للدبابات المتوغلة حتى مكننا الله من تفجير بعضها، فسبحان من أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ولله جنود السموات والأرض وكان الله عزيزاً حكيماً، وأخبرني أحد القادة الميدانيين أن المجاهدين قد رأوا دبابتين انفجرتا واشتعلت النيران فيهما، قال: ولما ذهبنا بعد اندحار يهود إلى المكان وجدنا العبوتين التين في مكان انفجار الدبابتين لم تنفجرا، وقد أخبرنا عن أحد المجاهدين في رباطه عند عبوة أرضية قال: والقذائف تتساقط من حولي وقد أصبحت في مواجهة الدبابات فقلت في نفسي: أنسحب إلى مكان أكثر أمناً، وإذا بي أسمع صوتاً يقول لي: اثبت في مكانك، فمكثت في مكاني والسكينة تملأ فلبي، وقد أكرمني الله تعالى بتفجير الدبابة، وقال أحد المجاهدين: كنت إذا صوبت القذيفة تجاه الهدف الذي أريده شعرت بمن يسدد تصويبي إلى اليمين أو الشمال قليلاً.